الاعتمادية المتواطئة من العائلات

الاعتمادية المتواطئة

ينتشر استخدام كلمة الاعتمادية المتواطئة  Co-dependencyفي وصف ظاهرة الاعتماد علي البيئة الخارجية ، لتحقيق الاتزان الداخلي.  يمكن أن تكون هذه البيئة الخارجية أي شيء.  يمكن من أجل التبسيط أن نلخص هذه الأشياء في الأتي:

المواد المخدرة

السلوك

العلاقات

ولذلك تعد كلمة الاعتمادية المتواطئة أسم غير دقيق.  ولذلك يمكن تسميتها بالاعتمادية" أو "الاعتمادية الخارجية".  ويعد السبب وراء هذه التسمية المغلوطة عائداً إلي الخلفية التاريخية للظاهرة.  فقد تم اكتشافها في عائلات مدمنين الخمر حيث يصبح أهل المدمن معتمدين في تعريفهم لأنفسهم على رعايتهم لذلك المدمن بحيث يربطون تقييمهم لأنفسهم بحالته ، ويحاولون شفاءه وبالتالي يربطون استقرارهم بشيء خارج عنهم.  ولذلك تم إطلاق تعبير "الاعتمادية ا لمتواطئة على مثل هذه العلاقات" لأنها بين شخصين اعتماديين. أحدهما اعتمادي على الخمر، بينما الآخر اعتمادي على المدمن. فلقد كان التعريف هنا نابعا من وصف علاقة وليس من وصف مرض أو اضطراب في الشخصية. ولكن ظلت هذه التسمية باقية ومن الصعب تغييرها.

التعريف الطب النفسي

تعد الاعتمادية المتواطئة هي مرض أولي (وليس ثانوي ناتج عن مرض آخر)، متفاقم، مزمن، مميت ويمكن معالجته.  نشأ نتيجة التربية في بيئة أولية غير أمينة ، عاطفية وعدائية روحانياً.  هذه البيئة الأولية هي نظام العائلة الذي يعد جزءً من المجتمع الكبير غير الأمين عاطفياً والمضطرب والذي يعتبر جزء من حضارة مبنية علي المعتقدات الزائفة عن طبيعة الإنسان وأهدافه.

التعريف الاجتماعي 

يتناول التعريف الاعتمادية كمرض اجتماعي ولذلك فهو منتشر ، فقد تمت تربية النساء في المجتمع

على أن يعتمدن بشكل تلقائي علي الرجال بالحصول علي تعريفهن لشخصيتهن وشعورهن بقيمتهن

من خلال علاقاتهن بالرجال بينما تعلم الرجال أن يكونوا اعتماديين علي نجاحهم / عملهم / مستقبلهم المهني. قد تغير هذا في العشرين أو الثلاثين سنة الماضية – ولكنه لا يزال سبباً وراء ميل النساء في التضحية بأرواحهم في العلاقات أكثر من الرجال. وميل الرجال للتضحية بكل شيء من أجل النجاح في العمل.

التعريف النفسي الديناميكي " التحليلي" :-

تعتبر الاعتمادية المتواطئة هي نظام دفاعي عاطفي وسلوكي نقوم بتبنيه في طفولتنا للبقاء على قيد الحياة في أسرة مضطربة.  لأنه لم يكن لنا أي أدوات أخري لبرمجة الذات ومعالجة عواطفنا المجروحة، ويكون تأثير ذلك هو أننا استمرينا ونحن ناضجون وراشدون نكرر نفس البرنامج الذي لعبناه في الطفولة وأيضاً لا نحصل على احتياجاتنا الروحية والنفسية و حتى الجسدية.

التـــاريخ:-

في نهاية الخمسينات 

النمو المتزايد لمجموعات مدمني الخمر المجهولين مما شكل ظاهرة اجتماعية  ونجاح مبدأ المرض في علاج إدمان الخمر ،وملاحظة خصائص مشتركة بين عائلات مدمني الخمر. وبالتالي ابتكار مصطلح " المتواطئ مع مدمن الخمر " والتي تعني حرفياً " المشترك مع مدمن الخمر.  أي المدمن لمدمن الخمر. Co-alcoholic

في منتصف الستينات 

انتشر إدمان المخدرات وظهور الاعتمادية الكيماوية.  أصبحت التسمية بدلاً من "المتواطئ مع مدمن الخمر" "المتواطئ مع مدمن المخدرات." أو " الاعتمادي المتواطئ" co-addict or co-dependent

في منتصف السبعينيات 

- أدت دراسات أبناء المدمنين إلى الوصول لمصطلح Adult child of addict (alcoholic)

أي الشخص الراشد الذي كان طفلاً لمدمن خمر أو مخدرات.

- أدت دراسة ديناميكيات "نظام العائلة" Family system theory إلى ظهور مصطلح "العائلة المضطربة" وبذلك تم الوصول إلي مصطلح Adult Child of Dysfunctional Family أي الشخص الراشد الذي كان طفلاً لأسرة مضطربة ، وذلك لاكتشاف أنواع مختلفة من الإدمانات الغير كيميائية والتي تؤثر في جو الأسرة بطرق مشابهة جداً Process addictions كإدمان الطعام والغضب والعمل والعلاقات والجنس والمقامرة وغيرها.  

وهذا معناه أن الصدمات النفسية العاطفية في الطفولة تؤدي بصورة مباشرة وغير واعية إلى توجهات وسلوكيات في سن الرشد تكرر نفس أنماط الهجر والترك والحرمان التي اختبرها هذا الشخص في الطفولة.

6) في الثمانينات

ظهرت حركة "شفاء الطفل الداخلي" حيث قام الأخصائيين النفسيين التحليليين بتناول هذه الأمور فقط علي المستوي الفكري – وليس علي مستوي الشفاء العاطفي أو الشفاء العملي. (يظل هذا الفارق الجوهري بين العلاج النفسي الذي يميل إلى التبصر والرؤية كوسيلة للشفاء وحركة التعافي (12 خطوة) الذي يميل للفعل العملي)

 في ذلك الوقت تم توسيع " الاعتمادي المتواطئ " وأصبح الشخص الذي يدمن إسعاد الآخرين و يجعل من نفسه ضحية لهم أو منقذ لهم أو الاثنين معاً.

الشخص الاعتمادي ليس مريضاً بسبب ما فعله فيه المدمن (مدمن الخمر أو المخدرات) ولكنه لكونه مريض بالاعتمادية انجذب أساساً للمدمن لأن المدمن فرصة جيدة جداً ،لأن يجعله ضحية أو منقذ (وبالتالي يكرر ما حدث في أسرة المنشأ). هذا الشخص مريض بالاعتمادية بسبب أنه تربى في أسرة مضطربة لأي سبب من الأسباب ومنها بالطبع الإدمان بمفهومه الواسع.

سمات العلاقات الاعتمادية

أولاً: علاقات قهرية إدمانية:-

كثير من الشباب والشابات يدخلون في علاقات عاطفية بشكل إدماني حتى ولو كانت العلاقة مضرة وليس لها مستقبل أو فيها قدر كبير من الإساءات والإهانات. فتدخل فتاة مثلاً علاقة مع شاب ربما يضربها ويهينها ويستغلها جنسياً وربما مادياً لكنها لا تستطيع أن تستغني عنه. وتتعجب كيف تستمر علاقة كهذه؟!  السبب ببساطة هو الجوع الشديد للحب والاهتمام حتى ولو كان مزيفاً، بل وحتى لو كان أحد الطرفين أو كلاهما يعرف أنه مزيف. والأغرب أنه إذا انقطعت هذه العلاقة، وغالباً ما تنقطع، لا يمضي وقت طويل إلا وتجد الطرفين أو أحدهما قد أقام علاقة مشابهة تماماً. 

ثانياً: علاقات بها إحساس شديد بصغر النفس

السبب الذي يجعل كثير من الشباب والشابّات يدخلون في مثل هذه العلاقات المليئة بالاستغلال المتبادل هو أنهم لا يشعرون بقيمة أنفسهم. وأذكر أن أحدى الفتيات كانت في علاقة شديدة الاعتمادية،نالت بصيرة ثاقبة عندما قالت لها زميلة لها في مجموعة المساندة " أنا مستغربة، ليه نفسك مش غالية عليكي كده!!".

 

ثالثا: علاقات تتميز بالغيرة الشديدة وحب التملك.

تأتي الغيرة لسببين، الأول هو صغر النفس ، وانعدام الثقة في النفس وفي الآخرين. فإذا نظر الشاب لفتاة أخرى تشعر صديقته بالتهديد أنه سوف يتركها وإذا تكلمت الفتاة مع شاب آخر غير صديقها تكون مشاجرة كبيرة بينهما وتهديد بقطع العلاقة. والسبب الثاني هو أن كل طرف في هذه العلاقة الاعتمادية يعتمد على الآخر لاستقراره النفسي، وبطبيعة الحال لن يعطي الإنسان الحرية لأمر يعتمد عليه، فكل فرد يتعامل مع الآخر كما لو كان جزء من جسمه فكيف يمكن أن يعطي المرء الحرية لجزء من جسمه أن يختار اختيارات حرة، ربما يكون منها أن يتركه ؟!

أما من يحب حباً صحّياً فهو الذي يطلق الآخر حراّ ليأتي إليه بكامل إرادته واختياره.

رابعاً: التقلب الشديد

بسبب الغيرة وحب التملك، تتميز هذه العلاقات بكثير من الخلافات والشجار. وهي تتأرجح بين الرومانسية الحالمة والعنف الدموي. جاءتني ذات يوم سيدة تعيش علاقة اعتمادية متواطئة شديدة مع زوجها المدمن للمخدرات وقد وضعت ذراعها في جبيرة. و عندما سألتها عن سبب كسر ذراعها، أجابت أن زوجها ضربها. لكنها تداركت بسرعة قائلة أنه عصبي صحيح، لكنه عندما يكون رائق المزاج يكون شديد الرومانسية ولهذا تحبه ولا تحتج أبداً على ما يفعله مهما كان !! ينبع هذا التقلب الشديد والصراع المتكرر في العلاقة من أن كل طرف دخل العلاقة بدافع الاحتياج والرغبة في الأخذ فقط، وليس برغبة صحية متوازنة في العطاء والأخذ.

خامساً: علاقات تسيطر على أغلب الوقت

من سمات أي إدمان أو سلوك قهري، أنه يسيطر على أغلب الحياة تدريجياً حتى لا يصبح هناك سواه. فيتخلى الإنسان عن أي شيء في سبيل هذه العلاقة. في العلاقات الاعتمادية يمكن أن يتصل أحد الطرفين بالآخر في منتصف الليل ويطلب منه أن يأتي لمنزله فلا يستطيع الآخر إلا أن ينفذ، خصوصاً إذا كان الذي يطلب هذا هو الاعتمادي الذي له مظهر القوة من الاعتمادي الذي له مظهر الضعف (وأنا أقول مظهر لأنه في حقيقة الأمر الاثنان ضعاف من الداخل). هذه العلاقات الاعتمادية تدور حول أمر واحد هو السيطرة.  تفتخر إحدى الفتيات المريضة بإدمان العلاقات الاعتمادية بأنها استطاعت التأثير على صديقها وجعلته ينزل من بيته في الثانية صباحاً ليقابلها في ميدان رمسيس لكي تقول له فقط أنها تحبه! وكان مصدر فخرها ونشوتها هو أنها تعرف كيف تؤثر على أي شاب وتلعب في "أزرار" معينة فيه لتجعله يفعل ما تريده أن يفعله ويقول ما تريد أن تسمعه. ولكن،في واقع الأمر، هي أيضاً واقعة تحت سيطرة هذه العلاقات الإدمانية. والدليل على وقوع الطرفين في سيطرة العلاقة أن العلاقة تأخذ مساحات متزايدة من حياة كل منهما على حساب أنشطة أخرى مهمة مثل الورم السرطاني الذي ينمو على حساب باقي أنسجة الجسم المجاورة حتى يؤثر في وظائفها مما قد يؤدى لوفاة المريض.

الاختبار الذاتي للاعتمادية :-

1. لا أستطيع أن أحتمل الوحدة مطلقاً                                    

2. أعشق الكمال ولا أحتمل العيوب                                             

3. أجد نفسي مدفوعا بالرغبة في رضا الآخرين              

4. أشعر بالإحباط عندما لا أحصل على رضا الآخرين.                                         

5. أجد نفسي وقد اتخذت قرارات مبنية على الرغبة في إرضاء الآخرين ونادراً ما ألتفت إلى مصلحتي

6. في كثير من  المرات أجد نفسي مشغولا بمحاولة جعل حياتي منظمة تماماً.

7. أضع العمل قبل كل شيء (بعض الأحيان يصفني الناس إني جاد أكثر من اللازم)

8. أجد نفسي أؤقلم نفسي لكي أتوافق مع مطالب شريك حياتي، ولا أعبر عن مشاعري بحرية.

9. لا أختبر الغضب مطلقاً.                                              

10. كثيراً ما أفرط في الطعام.                                                             

11. كثيراً ما أفكر فيما يقوله الناس عني.

12. أميل لإخفاء مشاعري حتى لا يعرف الآخرون فيم أفكر.                                      

13. أخشى أنه إذا عرفني الآخرون على حقيقتي سوف ينفرون مني.                      

 14. دائماً ما أحاول أن أكون مسيطراً في علاقاتي.                                         

15. عادة ما أخفي مخاوفي وشكوكي في نفسي باستخدام المخدرات أو الكحوليات.               

. 16. لا أستطيع أن أقول "لا" بسهولة إذا طلب مني الاشتراك في عمل أو خدمة

17. عندما أشعر بالحزن أو الغضب أذهب لشراء أشياء أو أعمل أو آكل أكثر من اللازم.

                18. أقول لنفسي أنني لا يجب أن أشعر بالألم والجرح إذا أحبطني الآخرون.  

19. أميل للسيطرة على المقربين مني. 

20. أحتاج أن يكون الجميع راضين عني لكي أرضى عن نفسي.        

. 21. أطلب أن يساندني الآخرون دون أن يطلبوا مني شيء في المقابل

تم عمل هذا الموقع بواسطة